متى كانت آخر مرة وقفتَ فيها أمام إبريق قهوة يغلي، ثم التفتَّ للحظة، لتجده يفيض، ويفور فوق الموقد، ويُحدث فوضى عارمة؟ سرعان ما تتحول رائحة القهوة اللذيذة إلى إحباط ونحن نُسرع لإطفاء الغاز وتنظيف ما انسكب.
هذه الحادثة البسيطة في المطبخ درسٌ قيّم في التعامل مع الأشخاص الغاضبين. عندما تبدأ القهوة بالغليان، كلما قلّبناها أكثروأبقيناها على النار، كلما استمرت في الغليان.
الآن، فكّر في آخر مرة خضتَ فيها محادثةً حادةً أو عاطفيةً. ربما كان أحدهم منزعجًا أو محبطًا أو حتى يصرخ. ماذا فعلت؟ كيف تصرفتَ؟ هل هدأ الموقف أم تصاعد كغليان القهوة؟
بدلاً من محاولة "إصلاح" القهوة المغلية عن طريق تحريكها بقوة، فإن الحل الأبسط غالبًا هو إزالة وعاء القهوة، والابتعاد عنه، وتركها لتهدأ.
ينطبق هذا على الناس أيضًا. عندما يكون شخص ما منفعلًا، يكون في حالة غليان داخلي. كلما رددنا، أو سألنا، أو جادلنا، أو برّرنا، زاد تأجيج الموقف. أحيانًا، أفضل ما يمكننا فعله هو التوقف والتراجع قليلًا، وترك الموقف يهدأ بشكل طبيعي.
قبل الاستمرار في المحادثة المحتدمة، اسأل نفسك:
ماذا سأستفيد إذا واصلت هذه المحادثة في حين أن المشاعر متأججة؟
ماذا سأخسر - السلام، الوقت، الطاقة، الوضوح... ماذا أيضًا؟
كيف يُمكنني تحسين الأمور بدلًا من إحداث فوضى أكبر؟ كم من الوقت سأحتاج لأتعامل مع هذه الفوضى العاطفية لاحقًا؟
لذا، في المرة القادمة التي تجد نفسك فيها في محادثة متصاعدة، افعل هذا:
توقف مؤقتًا - تمامًا كما هو الحال عند إزالة القدر، امنح نفسك لحظة قبل الرد.
تنفس - خذ نفسًا عميقًا لإعادة ضبط مشاعرك.
التقييم - هل هذا هو الوقت المناسب للتفاعل، أم أنه من الأفضل إعادة النظر في المحادثة لاحقًا؟
الابتعاد (إذا لزم الأمر) - في بعض الأحيان، يؤدي الابتعاد والعودة عندما تستقر المشاعر إلى نتيجة أكثر إنتاجية وسلامًا.
لذلك، عندما نتوقف عن محاولة السيطرة على "غليان القهوة" في المحادثات المتوترة، ونتعلم بدلاً من ذلك متى نتراجع، فإننا ننقذ أنفسنا من ضغوط لا داعي لها، وطاقة مهدورة، وإرهاق عاطفي. في المرة القادمة التي تشعر فيها بتصاعد التوتر في محادثة، تذكر القهوة؛ أفضل حل أحيانًا هو التراجع وترك الأمور تهدأ بشكل طبيعي.
أقل فوضى – المزيد من السلام… فكر في الأمر…
Comments